responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 10  صفحه : 3
عُضَالٌ وَمَرَضٌ مُزْمِنٌ، وَمَتَى تَمَكَّنَ مِنَ الْقَلْبِ فَسَدَ مِزَاجُهُ وَاشْتَدَّ عِلَاجُهُ، وَلَمْ يُفَارِقْهُ دَاءٌ ولا نجع فِيهِ دَوَاءٌ، بَلْ أَعْيَا الْأَطِبَّاءَ وَيَئِسَ مِنْ بُرْئِهِ الْحُكَمَاءُ وَالْعُلَمَاءُ. وَحَقِيقَةُ الْأَمَلِ: الْحِرْصُ عَلَى الدُّنْيَا وَالِانْكِبَابُ عَلَيْهَا، وَالْحُبُّ لَهَا وَالْإِعْرَاضُ عَنِ الْآخِرَةِ. وَرُوِيَ [1] عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ:" نَجَا أَوَّلُ هَذِهِ الْأُمَّةِ بِالْيَقِينِ وَالزُّهْدِ وَيَهْلِكُ آخِرُهَا بِالْبُخْلِ وَالْأَمَلِ". ويروى عن أبى الدرداء رضى الله أَنَّهُ قَامَ عَلَى دَرَجِ مَسْجِدِ دِمَشْقَ فَقَالَ: يأهل دِمَشْقَ، أَلَا تَسْمَعُونَ مِنْ أَخٍ لَكُمْ نَاصِحٍ؟ إِنَّ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ كَانُوا يَجْمَعُونَ كَثِيرًا وَيَبْنُونَ مَشِيدًا وَيَأْمُلُونَ بَعِيدًا، فَأَصْبَحَ جَمْعُهُمْ بُورًا وَبُنْيَانُهُمْ قُبُورًا وَأَمَلُهُمْ غُرُورًا. هَذِهِ عَادٌ قَدْ مَلَأَتِ الْبِلَادَ أَهْلًا وَمَالًا وَخَيْلًا وَرِجَالًا، فَمَنْ يَشْتَرِي مِنِّي الْيَوْمَ تَرِكَتَهُمْ بِدِرْهَمَيْنِ! وَأَنْشَدَ:
يَا ذَا الْمُؤَمِّلُ آمَالًا وَإِنْ بَعُدَتْ ... مِنْهُ وَيَزْعُمُ أَنْ يَحْظَى بِأَقْصَاهَا
أَنَّى تَفُوزُ بِمَا تَرْجُوهُ وَيْكَ وَمَا ... أَصْبَحْتَ فِي ثِقَةٍ مِنْ نَيْلِ أَدْنَاهَا
وَقَالَ الْحَسَنُ: مَا أَطَالَ عَبْدٌ الْأَمَلَ إِلَّا أَسَاءَ الْعَمَلَ. وَصَدَقَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ! فَالْأَمَلُ يُكْسِلُ عَنِ الْعَمَلِ وَيُورِثُ التَّرَاخِيَ وَالْتَوَانِيَ، وَيُعْقِبُ التَّشَاغُلَ وَالتَّقَاعُسَ، وَيُخْلِدُ إِلَى الْأَرْضِ وَيُمِيلُ إِلَى الْهَوَى. وَهَذَا أَمْرٌ قَدْ شُوهِدَ بِالْعِيَانِ فَلَا يَحْتَاجُ إِلَى بَيَانٍ وَلَا يُطْلَبُ صَاحِبُهُ بِبُرْهَانٍ، كَمَا أَنَّ قِصَرَ الْأَمَلِ يَبْعَثُ عَلَى الْعَمَلِ، وَيُحِيلُ عَلَى الْمُبَادَرَةِ، وَيَحُثُّ عَلَى الْمُسَابَقَةِ.

[سورة الحجر (15): آية 4]
وَما أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ إِلاَّ وَلَها كِتابٌ مَعْلُومٌ (4)
أَيْ أَجَلٌ مُؤَقَّتٌ كُتِبَ لَهُمْ فِي اللوح المحفوظ.

[سورة الحجر (15): آية 5]
مَا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَها وَما يَسْتَأْخِرُونَ (5)
" مِنْ" صِلَةٌ، كَقَوْلِكَ: مَا جَاءَنِي مِنْ أَحَدٍ. أَيْ لَا تَتَجَاوَزُ أَجَلَهَا فَتَزِيدُ عَلَيْهِ، وَلَا تَتَقَدَّمُ قَبْلَهُ. وَنَظِيرُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى:" فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ «[2]» ".

[1] في ى: يروى.
[2] راجع ج 7 ص 201.
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 10  صفحه : 3
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست